استضافة المغرب لكأس إفريقيا والمونديال.. فرصة اقتصادية وتحديات مالية
هبة بريس – محمد زريوح
أثار التقرير السنوي الذي أصدرته زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات لعام 2023-2024، نقاشًا واسعًا حول التحديات الاقتصادية والمالية المرتبطة باستضافة المغرب لكأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.
وأشار التقرير إلى أن الاستثمارات الضخمة التي يُخطط لها في مجالات البنية التحتية الرياضية، السياحية، وقطاعات النقل والاتصال قد تشكل ضغطًا كبيرًا على المالية العمومية، مما يستوجب التخطيط الحذر وإدارة الموارد بفعالية.
و تُعد استضافة هذه الفعاليات الرياضية الكبرى فرصة استثنائية لتعزيز مكانة المغرب إقليميًا ودوليًا.
ومع ذلك، فإن تكاليف تطوير البنية التحتية اللازمة، بما في ذلك الملاعب، الفنادق، شبكات النقل، والمرافق العامة، تضع تحديات حقيقية أمام الاقتصاد الوطني، حيث تُقدّر تكلفة هذه الاستثمارات بأكثر من 140 مليار درهم، تشمل تأهيل مناطق مثل الحوز التي بلغت تكاليف مشاريعها التنموية أكثر من 9.5 مليار درهم حتى أكتوبر 2024.
و على الرغم من هذه التكلفة الباهظة، يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الفرصة تحمل فوائد استراتيجية بعيدة المدى. فتنظيم المونديال والبطولات القارية لا يقتصر على الجوانب الرياضية فقط، بل يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة.
الاستثمارات في قطاعات النقل والمطارات والموانئ يُتوقع أن تُسهم في خلق آلاف فرص العمل، سواء أثناء فترة الإعداد أو بعد انتهاء البطولات، كما أنها توفر بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تعزيز السياحة يُعد أحد أبرز العوائد المتوقعة. فالمغرب يُعرف بتنوعه الثقافي، وتاريخه العريق، وطبيعته الخلابة، مما يجعله وجهة مميزة للسياح.
تطوير البنية التحتية السياحية ورفع القدرة الاستيعابية للفنادق والمرافق سيجعل البلاد قادرة على استقبال أعداد كبيرة من الزوار، مما يُدر عائدات مالية ضخمة ويعزز الإيرادات الضريبية.
في المقابل، يشدد الخبراء على أهمية التخطيط المالي المُحكم لضمان أن هذه المشاريع تُدار بكفاءة وفعالية. يُوصى بإشراك القطاع الخاص في تحمل جزء من التكاليف من خلال شراكات استراتيجية، مما يُخفف العبء عن المالية العامة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز الشفافية من خلال إعداد تقارير دورية توضح تقدم المشاريع ومدى تحقيق الأهداف المرجوة.
تطوير الاقتصاد الأخضر يمثل ركيزة أساسية ضمن هذا الإطار. اعتماد تقنيات صديقة للبيئة، مثل استخدام الطاقة المتجددة في الملاعب والمرافق الرياضية، يُسهم في تعزيز استدامة الاقتصاد وتقليل الانبعاثات الكربونية.
هذه المشاريع ليست مجرد استثمار في البنية التحتية الرياضية، بل هي خطوة نحو بناء اقتصاد متوازن ومستدام على المدى الطويل.
يشير التقرير أيضًا إلى ضرورة معالجة تحديات أخرى متزامنة مع هذه الاستثمارات، مثل إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، التي يُتوقع أن تصل تكلفتها إلى 53.5 مليار درهم بحلول عام 2026.
هذا يستدعي تنسيقًا فعّالًا بين مختلف القطاعات الحكومية لضمان عدم تأثر الأولويات التنموية الأخرى بالمشاريع المرتبطة بالبطولات الرياضية.
على الرغم من هذه التحديات، تُعد استضافة المغرب لهذه الفعاليات فرصة لتعزيز مكانته العالمية وتحقيق قفزة نوعية في التنمية الاقتصادية.
التخطيط المتوازن والإدارة الحكيمة للمشاريع سيكونان العاملين الأساسيين لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرصة التاريخية دون الإضرار بالتوازن المالي أو الالتزامات التنموية للبلاد.
بهذا، يظهر المغرب في واجهة دول العالم، ليس فقط كدولة مستضيفة لأهم الفعاليات الرياضية، بل كنموذج لدولة تجمع بين الطموح الرياضي والرؤية التنموية المستدامة.