الناظور: روائح الموت تملأ هواء بوعرك… والسكان يطلقون نداء استغاثة

هبة بريس – محمد زريوح

في مشهد يومي بات لا يُطاق، تعيش ساكنة جماعة بوعرك، القريبة وحتى البعيدة عن محطة معالجة المياه العادمة للناظور الكبير، تحت وطأة روائح كريهة تنبعث صباحًا ومساءً دون انقطاع. هذه الروائح، التي تفوح من محيط المحطة، تخترق المنازل وتلوث الأجواء، مخلفة معاناة نفسية وصحية كبيرة خاصة في صفوف الأطفال وكبار السن والمرضى بأمراض مزمنة.

ولا يقتصر الضرر على الروائح فقط، بل يتعداه إلى انتشار حشرة “الناموس” بكثافة غير مسبوقة، نتيجة تراكم المياه العادمة في الوادي الذي يصب في بحيرة مارتشيكا. هذه الحشرة، التي تعرف بكونها ناقلة للأمراض، أصبحت جزءًا من المشهد اليومي، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الجلدية والتنفسية وسط الساكنة.

من جهة أخرى، يثير القلق بشكل خاص تواجد مدرسة ابتدائية على مقربة من محطة التصفية، حيث يتعرض التلاميذ والأطر التربوية لتلك الانبعاثات الضارة بشكل مباشر. وقد عبّر عدد من الآباء عن مخاوفهم من التأثيرات الصحية والنفسية على أبنائهم، خاصةً في ظل غياب أي تدخل ملموس يحد من هذه الأضرار.

وفي ظل هذا الوضع المقلق، بدأت أصوات الساكنة تتعالى مطالبة بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الانبعاثات غير المعتادة، خصوصًا وأن هذه الروائح لم تكن بنفس الحدة في السابق. وهو ما يفتح الباب أمام احتمال وجود أعطاب تقنية أو تقصير في عمليات المعالجة داخل المحطة.

ويؤكد عدد من المتضررين أن الحياة في بوعرك باتت لا تُطاق، وسط صمت غير مبرر من الجهات المسؤولة، وغياب أي توضيح رسمي يطمئن الساكنة ويضع حدًا لحالة التوتر التي يعيشونها منذ أسابيع. كما أشاروا إلى أن الوضع البيئي الحالي يُنذر بعواقب وخيمة على المدى القريب إذا لم يتم تداركه بسرعة.

وفي هذا السياق، يناشد المواطنون ممثليهم المحليين، وعلى رأسهم عامل إقليم الناظور، بالتدخل العاجل لفتح تحقيق ميداني، والوقوف على أسباب الروائح الكريهة، والعمل على وضع حلول جذرية تُعيد للمنطقة استقرارها البيئي والصحي. كما دعوا إلى إيفاد لجان مختصة لتقييم الوضع ميدانيًا.

ويبقى الأمل معلقًا على تحرك الجهات المسؤولة، في وقت لا تزال فيه ساكنة بوعرك تحصي خسائرها الصحية والنفسية بصمت، في انتظار أن يُنصفها صوت من داخل المؤسسات، يعيد لها حقها في بيئة نظيفة وعيش كريم.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى