
بين خبيرة دبلوماسية ومرشحة بلا تجربة: لماذا خسرت المغرب أمام الجزائر في الاتحاد الإفريقي، ومن المسؤول؟
أثار إخفاق المغرب في الفوز بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي حالة من الجدل والاستياء، خاصة بعد ترشيح شخصية لا تمتلك خبرة دبلوماسية، إذ كانت تعمل سابقًا في “الهاكا” (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) ولا علاقة لها بالشؤون الخارجية.
هذه النتيجة طرحت تساؤلات حول من يتحمل مسؤولية هذا الترشيح غير المدروس: هل هو وزير الخارجية ناصر بوريطة أم مدير المخابرات ياسين المنصوري؟
اختيار يفتقر إلى الاستراتيجية الدبلوماسية اذا علمنا أن الفائزة بالمنصب، الدبلوماسية الجزائرية فطوم حداد، تشغل منصب سفيرة الجزائر لدى الاتحاد الإفريقي، ما منحها ميزة كبيرة بفضل خبرتها وعلاقاتها داخل المنظمة.
وجودها في أديس أبابا مكّنها من بناء شبكة قوية من الاتصالات مع مسؤولي الاتحاد والدول الأعضاء، مما ساعدها على حشد الدعم اللازم للفوز. في المقابل، لم يكن للمرشحة المغربية نفس الوزن الدبلوماسي أو النفوذ داخل الاتحاد، ما يطرح تساؤلات عن أسباب اختيارها ومدى جدوى هذا الترشيح في ظل المنافسة القوية من مرشحين أكثر خبرة.
يُعتبر شغل المناصب العليا داخل الاتحاد الإفريقي جزءًا من الاستراتيجية الدبلوماسية للمغرب لتعزيز حضوره داخل المنظمة القارية، خاصة بعد عودته إليها عام 2017. ومع ذلك، فإن ترشيح شخصية لا تمتلك خبرة في العمل الدبلوماسي ولا في الملفات الإفريقية أثار تساؤلات عن المعايير التي تم اعتمادها لاختيارها.
هل تدخلت جهات أخرى في الترشيح؟
في المقابل، هناك من يرى أن ترشيح هذه الشخصية قد يكون نتيجة لتدخل جهات أخرى خارج وزارة الخارجية، مثل الاستخبارات المغربية (لادجيد) بقيادة ياسين المنصوري، والتي تلعب دورًا مهمًا في الملفات الاستراتيجية، بما في ذلك القضايا الإفريقية. في حال كان الترشيح قد تم بضغط من هذه الجهات، فإن المسؤولية تتوزع بين أكثر من طرف، ما يعكس وجود خلل في التنسيق داخل الأجهزة المغربية المكلفة بالسياسة الخارجية.
وفي الأخير رغم أن منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ليس من أكثر المناصب تأثيرًا داخل المنظمة، إلا أن خسارته تعكس مشكلة أعمق في طريقة تدبير الترشيحات المغربية. يبدو أن جهاز لادجيد، الذي يلعب دورًا محوريًا في الملفات الإفريقية، لم يقدّر بشكل صحيح طبيعة المنافسة ولا أهمية العلاقات داخل الاتحاد الإفريقي. اختيار مرشحة تفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية في مواجهة سفيرة جزائرية مخضرمة يكشف عن ضعف في قراءة المشهد السياسي الإفريقي، ما أدى إلى هذه النتيجة غير المرضية.