
تقنية جديدة لتوثيق حضور البرلمانيين..هل أصبح “الحضور” هو القضية الأهم؟
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
في خطوة قد تُعتبر مفاجئة للكثيرين، وجهت رئاسة البرلمان مؤخراً مراسلة إلى رؤساء الفرق البرلمانية، تُطالبهم بتزويد المجلس بصور البرلمانيين، وذلك في إطار الاستعداد لاعتماد تقنية جديدة عبر كاميرات المراقبة لمتابعة الحضور والغياب داخل الجلسات البرلمانية.
الغاية المعلنة من هذه التقنية هي مواجهة مشكلة الغياب المتكرر لبعض النواب، بعد فشل نظام البطاقة الإلكترونية الذي كان يُفترض أن يحل المشكلة ولكن انتهى به الأمر إلى فضائح متكررة حول تسجيل الحضور بالنيابة عن زملائهم الغائبين.
ولكن هل هذا هو الحل الجذري لمشكلة الغياب في البرلمان؟ هل التركيز على مجرد معرفة ما إذا كان البرلماني حاضراً أم غائباً هو فعلاً ما نحتاجه؟ هل صرف الميزانيات على كاميرات وبرامج ذكية يكفي لتطوير العمل البرلماني؟
للأسف، يبدو أن البرلمان أصبح في سباق مستمر مع الوقت لمحاولة حل مشكلات إدارية لا تنتهي، دون النظر إلى جوهر المشكلة نفسها، فكل هذه الجهود التي تُصرف على تعزيز تقنيات التعرف على الحضور لا تشمل الأكثر أهمية بالنسبة للمواطن هو تمثيلية البرلماني له ونقل انشغالاته ومطالبه والدفاع عنها في الجلسات.
هل فعلا البرلمانيون الغير الحاضرين للجلسات يهتمون فعلا بالتشريع والنقاش فيه؟؟ ، أم أن ما يشغلهم حقًا هو إحتساب الحضور و الغياب فقط؟
المثير للدهشة أن هذه الطريقة تقفز فوق ما يجب أن يكون محور اهتمامنا الحقيقي: أداء البرلمانيين وكفاءتهم في التشريع ومناقشة القضايا الحيوية. إذا كان اهتمامنا الوحيد منصبًا على حضور البرلمانيين الجسدي، فإننا نهمل تمامًا جوهر العمل البرلماني، الذي يجب أن يتسم بالكفاءة العلمية والمهنية والقدرة على اتخاذ قرارات هامة تعود بالنفع على المجتمع.
بدلاً من الاستثمار في تقنيات لقياس الحضور، كان من الأولى أن تُوجه هذه الجهود إلى تحسين مستوى العمل التشريعي، وتطوير برامج تدريبية للبرلمانيين لتعزيز مهاراتهم في التشريع وحل القضايا المعقدة. كيف نؤمن بأن البرلماني الفعلي هو الذي حضر الجلسة، لكن دون أن يكون لديه من القدرة العلمية أو المهنية ما يمكنه من تقديم حلول حقيقية للمشكلات التي تواجه المجتمع؟
لنكن صريحين، التقنيات الجديدة قد تكون مفيدة في التأكد من الحضور، ولكنها في النهاية مجرد حل سطحي لمشكلة أعمق. البرلمان ليس مجرد قاعة للجلوس، بل هو المكان الذي يجب أن يشهد تفاعلًا فكريًا، علميًا، وعمليًا بين النواب. إذن لماذا كل هذه الاستثمارات في “التوثيق التكنولوجي”، في وقت نحن بحاجة فيه إلى “التوثيق التشريعي”؟.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X