حصيلة القنصليات سنة 2024.. “مورسيا”و”فيرونا” تتذيلان الترتيب في العشوائية وسوء الخدمات
يسير الإيحيائي
ونحن على بضع أيام معدودات من إنتهاء سنة ميلادية لها ما لها وعليها ما عليها كباقي السنوات الماضية ، وهذا أمر طبيعي أن تكون لنا إنجازات وإخفاقات في حياتنا قد نتداركها مع مرور الأيام والسنوات ولربما العقود. لكن موضوع الإخفاق والنجاح اللذان تكلمنا عنهما يتعلقان بحياتنا الخاصة والفردية التي تحكمها قوانين ملزمة إلا في حالات معدودة تتعلق بعلاقاتنا مع الآخرين أو مع المؤسسات بشكل عام، وفي المقابل هناك علاقات لتلك المؤسسات مع المواطنين تحكمها مذكرات وتوصيات ومراسلات داخلية وخارجية يجب أن نقف عندها بالتفصيل ونستخلص منها النتائج والحصيلة وبالتالي نكون ملزمين بنشرها للعموم حتى يتسنى للقارئ والمتابع الإلمام بها وتصنيفها ولو في قرارات نفسه لأنها ضرورة لا تتجزأ من الوعي الجماعي الذي يؤثر بشكل عام على الرأي العام ويخلق سجالا كبيرا من أجل الإصلاح والتطور.
وحيث كنا ولا نزال في هذا الموقع الذي سمي ب “دبلوماسي” معنيون بالعمل الدبلوماسي بشكل عام والقنصلي بشكل خاص، ننوه بمن يجتهد وننتقد ما دون ذلك إنطلاقا من المردودية، فليس للأمر علاقة بالشخصنة ولا التحامل كما يدعي بعض الكسلاء والمقصرين في خدمة الجالية المغربية بالخارج وما أكثرهم.
فمن فضيحة القنصلية العامة ب “مورسيا” التي كان ضحيتها شاب مغربي تم الإعتداء عليه من طرف رجل الأمن الخاص أمام مرآى ومسمع زوجته وكل الموظفين الذين سارعوا وللأسف إلى لي يد المعتدى عليه في وقت كان من الواجب أن يقفوا مع الحق ضد المعتدي وتوبيخه لأبعد الحدود جزاء بما فعلت يداه وهراوته، فلم يكن الحادث عرضيا أبدا بل كان متعمدا ومقصودا وله دوافعه الخاصة وراء الستار، سيما بعد ظهور ضحايا آخرين تعرضوا لنفس الإعتداء من طرف هذا الحارس الذي كان سيبقى دون شك يمارس إعتدائه عفوا “عمله” لولا جرأة أحد الموظفين الذي سرب مقطع الفيديو، حيث ما زال بعضهم يطالب بحقوقه في رداهات المحاكم الإسبانية ضد حارس الأمن الخاص.
فقط إنطلاقا من هذه الواقعة المتكررة يمكن لنا الجزم أن ما خفي أعظم والفساد ينخر جسد هذه المؤسسة ذات الإعتبارات الخاصة،ناهيك عن بشاعة الصورة التي روجتها في أوساط المغاربة والإسبان، أما عن العمل القنصلي فحدث ولا حرج، لا أذن صغت ولا عين ترى، ثم لا مسؤول (ة) يواكب توصيات صاحب الجلالة رعاه الله في إيلاء تلك الأهمية البالغة التي ينشدها لصالح رعاياه من مغاربة العالم.
فمن المسؤول إذن عن هذه الفضائح المتوالية في قنصلية “مورسيا” التي خرجت علينا بعد أن تطورت الأحداث ببلاغ محتشم لم ترقى صيغته إلى حجم الواقعة التي هزت الرأي العام لبشاعتها وحقرتها لمواطن مغربي داخل الحرم القنصلي؟
وبالتزامن مع ما وقع في “مورسيا” تأثرت جهة أخرى بتلك التسريبات ولو في بعدها الجغرافي الذي يتجاوز 1600 كلمتر حيث يتبين أن الجسد القنصلي واحد، إن إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى لكن ليس في التراحم والتواد بل في التقصير والتضاد على حساب مصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي يبدو من خلال هذه الأحداث والوقائع أنها لم تعد في أيدي أمينة أو على الأقل فاقدة لصمام الأمان.
القنصلية العامة ل”فيرونا” وما أدراك ما “فيرونا” تلك الحلقة المفقودة والمنفلتة والخارجة عن السيطرة لعدة إعتبارات قد نعرج على أهمها بكل صدق واحترافية وغيرة على الوطن… تلك القنصلية التي لم يسلم الأموات والجتث من بيروقراطيتها اللامتناهية سواء ضد الأحياء أو الأموات، فمن المعيب جدا أن تناول قضية الشاب المغربي الذي توفي في أوائل شهر يونيو الماضي ولبث في مستودع الأموات لأكثر من ستة أشهر على التمام والكمال دون أن ينقل إلى وطنه رغم المناشدات وإثباث هويته برزمة من الوثائق والتعهدات !!! فهل يعقل أننا ما نزال نحارب قنصليات “التخلف” في سنة 2024 ؟ في مرحلة وجب علينا أن نواكب فيها قضايا الأحياء لأن “الحي” أبقى من الميت” والأخير مصيره من المسلمات وواجب على الدولة نقله نحو موطنه الأصلي إكراما له ولهويته المغربية.
ألم يكن هذا التماطل من طرف القنصلية العامة ب”فيرونا” سببا كافيا لتنبيه رئيس (ة) المركز والنبش في ملفات الأحياء الذين ضاقوا ذرعا بسوء التدبير بهذه القنصلية السيئة السمعة على مستوى قنصليات المغرب بإيطاليا؟، ثم أن تمة أمور أخرى تفجرت في الآونة الأخيرة وتتعلق بالإستياء والإحتقان الذي بدأ يشق طريقه إلى خارج أسوار القنصلية، بحيث أكدت العديد من المصادر أن السيدة القنصل العام باتت موضوع سيل من الشكايات إلى الديوان الملكي ووزارة الخارجية من طرف فعاليات النسيج الجمعوي والحقوقيين بالمنطقة، إذ تعتبر ذات الشكايات بمثابة ناقوس خطر ونداءات إستغاثة للتدخل العاجل والفوري من قبل الجهات الوصية.
وعلم موقع “دييلوماسي” أن السيدة القنصل العام المعنية أصدرت قرارا يوم 18 من الشهر الجاري يقضي بتوقيف موظف محلي قضى 15 سنة من العمل وعايش عددا من القناصلة العامون دون أن يثير مشاكل تذكر، لكن مع الوافد (ة) الجديد يبدو أنه أصبح هدفا للتعسف والشطط في إستخدام السلطة والنفوذ ، الأمر الذي من شأنه أن يفتح بابا من الدفوعات والدفوعات الشكلية أمام القضاء الإيطالي نحن في غنى عنها سيما بعد الحكم الأخير الذي أصدرته المحكمة الإسبانية بإرجاع عونيين محليين إلى العمل بإحدى القنصليات المغربية المتواجدة بجزيرة معروفة.
فهل تعلم وزارة الخارجية بأن قرارات تتخذ في قنصلية “فيرونا” دون علمها؟ ثم هل هي مستعدة للدخول في دعاوى قضائية تلزمها في آخر المطاف بإعادة المطرودين مع تحميل الصائر ؟.
إن الأحداث الأخيرة التي تعرت سوءتها في بعض قنصليات المملكة بالخارج أصبحت مدعاة للتساؤل من باب الفضول إن لم نقل الواجب حول إختبار حواس رؤساء المراكز ما إذا كانت تقوم بواجباتها تجاه ما تسمع وترى من الخطابات الملكية السامية تجاه هذه الشريحة من المغتربين، ثم التساؤل العريض حول إمكانية إعادة دور مكنسة وزارة الخارجية في تنظيف بعض البؤر السوداء وتعويضها بالأنسبين من الأطر المجتهدة التي تزخر بها الوزارة .